يُعد القياس النفسي من الركائز الأساسية في علم النفس الحديث، إذ يمثل الأداة العلمية التي تمكّن الباحثين والممارسين من تقدير الظواهر النفسية بطريقة موضوعية ودقيقة. فالقياس في علم النفس لا يقتصر على وصف السلوك أو الانفعالات أو القدرات، بل يسعى إلى تحويلها إلى قيم كمية قابلة للمقارنة والتحليل الإحصائي، مما يمنح البحث النفسي طابعًا علميًا قريبًا من العلوم الدقيقة.

يهدف مقياس "القياس النفسي" في مرحلة السنة الثانية ليسانس علم النفس إلى تزويد الطلبة بالمعارف النظرية والمنهجية التي تمكنهم من فهم كيفية بناء واستخدام أدوات القياس المختلفة في المجال النفسي، مثل الاختبارات والمقاييس والاستبيانات والمقابلات المقننة. كما يسعى إلى ترسيخ مبادئ الصدق والثبات والمعايير التي تعد من أهم خصائص الاختبار النفسي الجيد.

إنّ القياس النفسي تطور عبر مراحل تاريخية هامة؛ فقد بدأ بمحاولات بسيطة لقياس القدرات العقلية في القرن التاسع عشر مع علماء مثل غالطون (Galton) وبياجيه (Binet)، ليتطور لاحقًا إلى فرع مستقل من فروع علم النفس يُعنى ببناء الأدوات واختبارها وتقنينها. واليوم أصبح القياس النفسي يُستخدم في ميادين متعددة، منها علم النفس التربوي، والعيادي، والتنظيمي، والاجتماعي، لما يوفره من بيانات دقيقة تساعد في اتخاذ القرارات العلمية والتشخيصية والتربوية.

سيتعرف الطلبة من خلال هذا المقياس على:

المفاهيم الأساسية للقياس والتقويم النفسي؛الفرق بين القياس في العلوم الطبيعية والقياس في العلوم الإنسانية؛أنواع المقاييس النفسية وتصنيفاتها؛خطوات بناء المقياس النفسي (من تحديد الأهداف إلى التقنين والتحليل الإحصائي)؛مفهومي الصدق والثبات وأهم أساليب التحقق منهما؛الاعتبارات الأخلاقية المرتبطة باستخدام أدوات القياس في الممارسة النفسية.

وبذلك، فإنّ هذا المقياس لا يهدف فقط إلى تكوين معرفة نظرية لدى الطالب، بل يسعى أيضًا إلى تنمية مهارات تطبيقية تجعله قادرًا على قراءة وتفسير نتائج المقاييس النفسية بطريقة علمية مسؤولة، تمهيدًا لمراحل لاحقة من التكوين الجامعي والمهني في ميدان علم النفس.