
دروس عبر الخط
مقاربة بين ثقافية للإضطرابات النفسية
السداسي الثالث – ماستر علم النفس العيادي
إعداد د. مهداوي الدين
مقدمة :
تعتبر الأنتروبولوجيا من العلوم الاجتماعية التي تشكلت نتيجة حاجة الإنسان إلى معرفة ذاته وعلاقته بالطبيعة ووظيفته في المجتمع ، وهي بذالك لا تختلف أساسا عن الفلسفة من حيث طرحها لهذه التساؤلات الكبيرة التي لاحقت الإنسان منذ وجوده في هذا الكون الفسيح .ولكن إذا كانت الأنتروبولوجيا تشترك مع الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد وعلم التاريخ وعلم الآثار... في دراسة الإنسان الذي تتقاطع حوله هذه العلوم فإنها تنفرد بخاصية يقرها كثير من الأنتروبولوجيين باختلاف مناهجهم ومدارسهم وتقنياتهم في البحث وهي أن الأنتروبولوجيا علم يدرس الإنسان بصفته كائن ثقافي ، ويترتب عن هذا التعريف أن الثقافة موضوع للأنتروبولوجيا ذلك أن الإنسان كائن إجتماعي ينتج ثقافته ويكتسبها ويمارسها في أشكال مختلفة من عادات وتقاليد وطقوس دينية ولكن لما نتصفح كثيرا من الد ا رسات التي أنجزت حول ماهية الأنتروبولوجيا ونشأتها وتطورها وميادينها نلاحظ أن ثمة توصيفات للأنتروبولوجيا يتطلب منا تصويبها حتى يتسنى للطالب المبتد ئ والمتخصص في الأنتروبوبولوجيا معرفتها ، وتمكينه من تتبع مساره العلمي في هذا الحقل المعرفي الإنساني والإجتماعي وتتمثل هذه الت وصيفات أولا : في أن الأنتروبولوجيا علم استعماري وثانيا: أن هذا العلم يدرس فقط المجتمعات البدائية والثقافات التقليدية ... هذا الخطاب الشائع تجاه الأنتروبولوجيا يصطدم بمجموعة من الاعت ا رضات منها أن كل العلوم الإنسانية والاجتماعية قد أستغلت لأغ ا رض استعمارية وايديولوجية في مراحل تاريخية معينة مرتبطة بموجة التوسعات الاستعمارية التي استهدفت مجتمعات قبلية في إفريقيا وأسيا وأمريكا ... وانفصلت الأنتروبولوجيا في م ا رحل لاحقة عن التوظيف السياسي والإيديولوجي لها لتصبح علما إنسانيا واجتماعيا يتحدد بموضوعاته ومناهجه ومفاهيمه كباقي العلوم الإنسانية والعلوم الإجتماعية الأخرى ، وأما حصر الأنتروبولوجيا في د ا رسة البدائي والتقليدي ... تعبر عن رؤية قاصرة لأن الأنتروبولوجيا تتجددوتتنوع موضوعاتها نتيجة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تشهدها المجتمعاتالبشرية . لقد صارت الأنتروبولوجيا تدرس المجتمعات الحديثة وتتطرق لموضوعات مرتبطة بأنماط وأساليب حياة الناس الجديدة ، كما تبحث في المؤسسات الصناعية والدينية والإعلامية والتربوية ... وبعبارة أدق - – أينما كانت الثقافة وجدت الأنتروبولوجيا . تهدف هذه المحاظرات والدروس للتعريف بماهية الأنثروبولوجيا وتحديد أهم ميادينها، وانتقالها من التوظيف الإستعماري الإيديولوجي إلى التأسيس العلمي والتطرق لنماذج من النظريات الأنتروبولوجية، والتعرض لمفهوم الثقافة لغة واصطلاحا وتشكل التعريف الأنتروبولوجي للثقافة، كما يبحث في مفهوم الدين عند علماء الاجتماع والأنتروبولوجيا وتتطرق للتحليل البنيوي للثقافة وبخاصة عند لفي ستروس وتوضح المقاربة الأنثروبولوجية للاضطرابات النفسية في تفسيرها للعلاقة بين المكون الثقافي والاضطرا ب النفسي من حيث إحداثه وتفسيره وتشخيصه وطرق علاجه وذلك من خلال عرض بعض الأمثلة المرتبطة بالمجتمع الجزائري.
- Teacher: dine mehdaoui